أنطوان كرباج: من “البؤساء” إلى “الملك لير”.. مسيرة فنية استثنائية

في 16 مارس 2025، ودّعت الساحة الفنية اللبنانية والعربية أحد أعمدتها، الفنان الكبير أنطوان كرباج، عن عمر ناهز 90 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض ألزهايمر، وقد شكّل رحيله خسارة كبيرة للفن والمسرح اللبناني، حيث كان من أبرز رموز المسرح والتلفزيون لعقود طويلة، مقدّمًا أعمالًا خالدة ساهمت في تشكيل هوية المسرح اللبناني الحديث.

مع إعلان خبر وفاته، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي رسائل الوداع والتأبين، حيث عبّر الفنانون والجمهور عن حزنهم العميق لفقدان فنان بحجم أنطوان كرباج، مؤكدين أن إرثه الفني سيظل خالدًا عبر الأجيال.

من هو أنطوان كرباج ويكيبيديا؟

وُلد أنطوان كرباج في 4 سبتمبر 1935 في بلدة زبوغا بقضاء المتن، لبنان، نشأ أنطوان كرباج في عائلة لبنانية متواضعة وكان الابن الأكبر بين خمسة أشقاء.

منذ صغره، كان يملك شغفًا بالفن والتمثيل، حيث كان يؤلف ويمثل إسكتشات مسرحية صغيرة أمام عائلته وأصدقائه.

التعليم والتكوين الفني:

درس كرباج في المدرسة الرسمية، ثم التحق بـ جامعة القديس يوسف في بيروت، حيث بدأ مسيرته المسرحية من خلال العروض الجامعية. كما درس التاريخ والجغرافيا في دار المعلمين، لكنه سرعان ما انجذب إلى المسرح، وقرر أن يكرّس حياته للفن.

الانطلاقة المسرحية الحقيقية:

جاءت انطلاقته المسرحية الفعلية عندما التحق بـ فرقة المسرح الحديث التي أسسها المخرج اللبناني الكبير منير أبو دبس، والتي ساهمت في إرساء أسس المسرح اللبناني الحديث.

ومن هنا بدأ مشواره الفني الذي امتد لأكثر من ستة عقود، قدّم خلالها عشرات العروض المسرحية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية اللبنانية.

محطات بارزة في مسيرته الفنية

التعاون مع الرحابنة:

انضم أنطوان كرباج إلى فرقة الرحابنة، حيث قدّم معهم أعمالًا مسرحية مميزة إلى جانب فيروز، مثل:

  • مسرحية “صح النوم”
  • مسرحية “يعيش يعيش”
  • مسرحية “بترا”

أبرز أعماله المسرحية:

شارك في العديد من المسرحيات التي أصبحت أيقونات في المسرح العربي، ومن أبرزها:

  • “القبقاب” – عمل مسرحي اجتماعي يناقش قضايا الفساد والسلطة.
  • “أبو الطيب المتنبي” – حيث قدّم شخصية المتنبي بأسلوب درامي قوي.
  • “الملك لير” – تألق في تقديم واحدة من أروع شخصيات شكسبير.

أعماله السينمائية والتلفزيونية:

لم يقتصر إبداع أنطوان كرباج على المسرح، بل امتد إلى الدراما التلفزيونية والسينما، حيث قدّم أدوارًا مميزة، من بينها:

  • فيلم “غارو” (1965) – أحد أوائل أعماله السينمائية.
  • فيلم “سفر برلك” (1967) – الذي جسّد من خلاله معاناة الحرب.
  • مسلسل “البؤساء” (1974) – من أبرز أعماله التلفزيونية، حيث قدّم دورًا دراميًا مؤثرًا.
  • مسلسل “أوراق الزمن المر” – عالج قضايا سياسية واجتماعية معقدة.

تأثيره على المسرح اللبناني:

يُعتبر أنطوان كرباج واحدًا من الرواد الذين أسسوا المسرح اللبناني الحديث، وكان من القلائل الذين نجحوا في الموازنة بين الفن الجماهيري والفن الراقي، مما جعله محبوبًا من الجمهور والنقاد على حد سواء.

وفاته وردود الفعل على رحيله

توفي الفنان الكبير أنطوان كرباج في 16 مارس 2025، بعد معاناة مع مرض ألزهايمر الذي أبعده عن الأضواء في سنواته الأخيرة.

وقد أُقيمت له جنازة رسمية وشعبية شارك فيها فنانون، إعلاميون، وشخصيات سياسية وثقافية بارزة، تكريمًا لمسيرته الحافلة، فور انتشار نبأ وفاته، نعاه العديد من الفنانين والإعلاميين، حيث عبّروا عن حزنهم لفقدان أحد أعمدة الفن اللبناني.

الممثلة اللبنانية كارمن لبس:

“رحيل أنطوان كرباج خسارة كبيرة للمسرح والدراما اللبنانية، كان أستاذًا بكل معنى الكلمة.”

المخرج شربل خليل:

“فقدنا قامة فنية عظيمة، لكن إرثه سيظل خالدًا في تاريخ المسرح اللبناني.”

كما انتشر هاشتاغ #أنطوان_كرباج على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استذكر الجمهور أعماله وتأثيره في الفن العربي.

إرث أنطوان كرباج الفني.. هل يظل خالدًا؟

رغم رحيله، سيبقى إرث أنطوان كرباج الفني حيًا من خلال أعماله المسرحية والتلفزيونية، والتي ستظل تُدرّس في معاهد المسرح والفنون، شكّل كرباج مصدر إلهام للعديد من الأجيال الشابة، الذين يسعون إلى تقديم فن يحمل ذات القيمة الثقافية والفكرية التي تبنّاها طوال حياته.

برحيله، يفقد الفن العربي واحدًا من رموزه الكبيرة، لكن أعماله ستظل مرجعًا مهمًا للأجيال القادمة التي ستستلهم منه الإبداع والتميز.

رحل أنطوان كرباج، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا خالدًا سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة، ستظل أعماله علامة فارقة في تاريخ المسرح والدراما اللبنانية، وسيبقى اسمه مضيئًا في ذاكرة الفن العربي.

ليلى الحسيني

محررة متعددة التخصصات تتمتع بقدرة فريدة على تبسيط المعلومات المعقدة وجعلها مفهومة للجميع. تتميز بأسلوب كتابة جذاب وسلس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى