سبب منع المغرب ذبح إناث الأغنام والماعز حتى 2026.. خطوات نحو الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية
أثار القرار الصادر حديثًا عن وزارتي الداخلية والزراعة في المغرب، والمتعلق بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز حتى نهاية مارس 2026، جدلًا واسعًا في الشارع المغربي، وتساءل الكثيرون عن أسباب وأبعاد هذا القرار المفاجئ، الذي وصفه بعض المربين والجزارين بالصارم. فما الدوافع وراء هذا القرار، وما هي تبعاته على الثروة الحيوانية المغربية في المستقبل القريب؟
في هذا المقال المفصل، سنستكشف معكم الأسباب الجوهرية وراء هذا القرار الحكومي الهام، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة له، إضافة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لضمان استدامة القطيع الوطني وإعادة بناء منظومة إنتاج الأغنام والماعز في المغرب بشكل مستدام.
لماذا تم اتخاذ قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز؟
يأتي القرار الذي دخل حيز التنفيذ ابتداءً من 19آذار/ مارس 2025 بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز حتى مارس 2026، كنتيجة حتمية لعدة عوامل مترابطة، تسببت في تراجع حاد وغير مسبوق في أعداد الثروة الحيوانية بالمغرب. نستعرض معكم هذه الأسباب بالتفصيل في النقاط التالية:
1. الجفاف وتأثيراته على الثروة الحيوانية
تعرضت المملكة المغربية على مدار السنوات الماضية لسلسلة متتالية من مواسم الجفاف القاسية، والتي تسببت في تراجع حاد في جودة المراعي، ما أثر بشكل سلبي على نمو وصحة المواشي، خصوصًا الأغنام والماعز. هذا الأمر دفع المربين إلى مواجهة تحديات كبيرة تتمثل في نقص المياه والأعلاف وارتفاع أسعارها، مما دفع العديد منهم إلى بيع الإناث أو ذبحها لتخفيف الأعباء المادية.
2. انخفاض حاد في أعداد الإناث المنتجة
بحسب تقارير وزارة الزراعة المغربية، فإن عدد الإناث من الأغنام والماعز القادرة على التكاثر انخفض بشكل لافت من حوالي 11 مليون رأس في عام 2016 إلى 8.7 مليون رأس فقط في عام 2024. ويُعد هذا الانخفاض مؤشرًا خطيرًا يهدد مستقبل استدامة تربية المواشي في المغرب، ويضع القطاع الحيواني أمام تحديات مصيرية إذا لم تتخذ إجراءات فورية وجادة لمعالجة هذه الأزمة.
3. الارتفاع غير المسبوق في أسعار الأعلاف
شهدت أسعار الأعلاف في الأسواق المغربية ارتفاعات قياسية خلال السنوات الأخيرة، متأثرةً بارتفاع الأسعار عالميًا وبالجفاف المحلي، ما أدى إلى عدم قدرة الكثير من المربين على الاستمرار في تحمل تكاليف تربية المواشي، وخاصة الإناث المنتجة. ولذلك لجأ بعضهم إلى تقليص أعداد الإناث من خلال الذبح، مما أضرّ بقدرة القطيع الوطني على تجديد نفسه بشكل طبيعي.
تفاصيل خطة الحكومة المغربية لمنع الذبح
في محاولة حثيثة لإعادة تأهيل القطعان واستعادة الثروة الحيوانية الوطنية إلى وضعها الطبيعي، وضعت وزارتا الداخلية والزراعة المغربية خطة عمل شاملة تهدف إلى تطبيق قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز بشكل صارم ومنظم، وتشمل الخطة الإجراءات التالية:
- وضع مراقبة صارمة في جميع المجازر والمسالخ، والتأكد من تطبيق القرار بشكل حازم.
- الاستثناء يكون فقط للإناث التي ثبت عدم قدرتها على التكاثر أو التي تعاني أمراضًا صحية خطيرة، أو للإناث المستوردة لأغراض الذبح أو التسمين.
- تكثيف الحملات التوعوية والإرشادية للمربين والجزارين، وتوضيح أهمية القرار على المدى البعيد.
- التنسيق المشترك بين السلطات المحلية والزراعية، لضمان تطبيق هذه الخطة على مستوى البلاد بشكل موحد ومنسجم.
ردود فعل المربين والجزارين تجاه القرار
على الرغم من أن القرار جاء ليخدم مستقبل القطاع الزراعي وتربية المواشي على المدى البعيد، إلا أنه تسبب في ردود فعل متباينة بين مربي الماشية والجزارين:
- المربون: انقسموا بين مؤيد بشدة للقرار ويرى فيه حلًا ضروريًا، وبين متخوف من آثار القرار على دخله الشهري أو السنوي، خصوصًا أن كثيرًا منهم يعتمد على بيع المواشي في الأسواق المحلية.
- الجزارون: أثار القرار استياء بعض الجزارين، خاصة الذين يعتمدون على ذبح الإناث التي يفضلها بعض المستهلكين لأسباب تتعلق بجودة اللحوم أو سعرها، ويعتبرون هذا القرار تحديًا كبيرًا لاستمرار عملهم.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للقرار
تتوقع الحكومة المغربية نتائج إيجابية طويلة الأمد من قرار منع الذبح، وتشمل هذه النتائج:
- استدامة الثروة الحيوانية: السماح للإناث بالتكاثر والتعافي من الجفاف سيسهم في استعادة أعداد المواشي، وزيادة الإنتاج في المستقبل.
- تحقيق الأمن الغذائي: الحفاظ على القطيع الوطني يؤمن توفير اللحوم والألبان بكميات مستقرة وأسعار معقولة في الأسواق المحلية.
- توفير فرص العمل: نمو القطيع الوطني وتوسع قطاع تربية المواشي سيسهم في توفير فرص عمل إضافية في الأرياف والمناطق الريفية المهمشة.
- لكن على المدى القصير، قد تؤدي بعض الآثار الجانبية مثل ارتفاع أسعار اللحوم مؤقتًا إلى تذمر المستهلكين، خاصة في المواسم التي يكثر فيها الاستهلاك مثل عيد الأضحى.
ما أهمية القرار لاستدامة الثروة الحيوانية بالمغرب؟
لا يمكن تجاهل أن هذا القرار يمثل خطوة جريئة وحكيمة نحو حماية مستقبل الثروة الحيوانية في المغرب. فالإناث هي ركيزة القطيع ومصدر نموه وتجديده، وحمايتها تضمن استمرارية الإنتاج، مما يجعل القطاع الحيواني أكثر قوة واستقرارًا في وجه أي تحديات مستقبلية كالجفاف والتغير المناخي.
جهود موازية لدعم مربي الماشية في المغرب
إلى جانب قرار منع الذبح، أطلقت الحكومة عدة مبادرات هامة تهدف إلى دعم مربي الماشية، ومنها:
- تقديم الدعم المادي لمربي الأغنام والماعز لمساعدتهم على تحمل تكاليف الأعلاف.
تطوير المراعي وتحسين مصادر المياه، لتخفيف الأعباء المالية على المربين. - برامج لتوعية المربين بأفضل الأساليب المستدامة في تربية الماشية، لتحسين إنتاجية القطيع الوطني.
ختامًا: القرار خطوة ضرورية رغم التحديات
رغم الجدل الواسع الذي أثاره قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز حتى 2026، إلا أن الهدف الأساسي منه هو حماية المستقبل وتأمين الغذاء للأجيال القادمة. ويبقى نجاح هذه الخطة مرهونًا بمدى تعاون الجميع، من مربي المواشي والجزارين، وصولًا إلى المستهلكين والسلطات.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الإجراءات في إعادة الاستقرار للثروة الحيوانية المغربية على المدى البعيد؟