مسلسل سيد الناس ولا صريخ الناس؟: مادة ترند وسخرية بسبب الصراخ الزائد
في موسم درامي مزدحم بالأعمال التلفزيونية، يبرز أحيانًا مسلسل معين – ليس بسبب قوته الفنية أو جودة حبكته – بل بسبب التفاعل الجماهيري غير المتوقع، هذا تمامًا ما حدث مع مسلسل “سيد الناس” الذي يعرض في رمضان 2025، فرغم ما يحمله من أسماء ثقيلة في عالم التمثيل، تحوّلت مشاهده تدريجيًا إلى مادة للسخرية والنقد الحاد على مواقع التواصل الاجتماعي.
السبب؟ انفعالات حادة، صراخ مستمر، أداء مبالغ فيه من الأبطال، مما جعل الجمهور يطلق عليه ساخرًا اسم “مسلسل صريخ الناس“، وبين التفاعل الساخر، وتبريرات فريق العمل، تدور في الأوساط الفنية والإعلامية نقاشات ساخنة حول جدوى المبالغة الدرامية في الأداء، وأين تنتهي حرية التعبير الفني وتبدأ الكوميديا غير المقصودة.
“الصريخ” بدلًا من الحوار.. السبب في موجة السخرية؟
منذ عرض الحلقات الأولى، لاحظ الجمهور أن مشاهد الغضب والانفعال تُقدَّم بالصراخ المستمر من غالبية الشخصيات، كل موقف تقريبًا، سواء كان دراميًا أو عاطفيًا، ينتهي بصوت عالٍ، عيون متسعة، وجمل تُقال بنبرة عالية ومتوترة، ما أفقد المشاهد الإحساس الطبيعي بالتدرج العاطفي.
مشاهد مسلسل “سيد الناس” تتحول لمحتوى ساخر على السوشال ميديا بسبب أداء الممثلين مسلسل جعير الناس
ولم تمر ساعات قليلة بعد عرض الحلقات حتى امتلأت مواقع التواصل بمقاطع ساخرة وتقليدية ساخرة من مشاهد المسلسل، مستخدمين موسيقى كوميدية ومؤثرات صوتية لتحويل مشاهد الغضب إلى “اسكتشات ضاحكة”.
ردود أفعال المشاهدين والنقاد
على منصات مثل تويتر وفيسبوك، أُطلقت تعليقات مثل:
“لو كنت فاتح المسلسل على صوت واطي.. أنا آسف لجيراني”
“سيد الناس ولا صريخ الناس؟.. حرام عليكم أعصابنا!”
“كلهم بيزعقوا كأنهم في خناقة مش تمثيل”
في المقابل، كتب بعض النقاد تقييمات نقدية وصفوا فيها الأداء بأنه “مسرحي أكثر من اللازم”، وأن محمد سامي يعيد تكرار نفس الأسلوب الإخراجي الذي واجه انتقادات في أعمال سابقة مثل “نسل الأغراب”.
إلهام شاهين تدافع: “اعتماد الهواري مريضة نفسيًا”
في تصريح خاص، قالت الفنانة إلهام شاهين إن شخصيتها في المسلسل تعاني من اضطرابات نفسية شديدة، والصراخ كان جزءًا من التعبير عن هذا التمزق الداخلي.
وأضافت:
“ما قُدم ليس مبالغة بقدر ما هو تجسيد لحالة انهيار نفسي حقيقي. الشخصية ليست سهلة وتحمّلت كثيرًا من الانفعالات العنيفة بحكم أحداثها”.
كما أكدت أنها تثق برؤية المخرج محمد سامي، الذي لم يُجبر أحدًا على الصراخ، بل طلب تقديم أقصى درجات التعبير الممكنة.
محمد سامي.. أسلوب إخراجي مثير للجدل دائمًا
المخرج محمد سامي ليس جديدًا على هذا النوع من الجدل. في مسلسلات سابقة مثل “البرنس”، و”نسل الأغراب”، واجه اتهامات بالمبالغة في تصوير الانفعالات والدراما الثقيلة، على حساب المنطق الدرامي.
وفي “سيد الناس”، يبدو أنه أعاد الكرة، لكن هذه المرة، كانت النتيجة تضخيم المشاهد إلى حد السخرية، رغم محاولاته الواضحة لإظهار التوتر والصراع الدرامي.
هل فشل ياسين السقا في أولى تجاربه؟
أداء الممثل الشاب ياسين السقا لم يسلم من النقد. وُصف بأنه “أداء مسرحي لا يليق بمسلسل اجتماعي”، مع بعض الملاحظات على النطق والحضور.
لكن البعض دافع عنه باعتباره تجربة أولى لشاب في بداية طريقه، وأي موهبة تحتاج إلى صقل وتجربة لتتطور.
سيد الناس.. بين “الترند” و”الفن الحقيقي”
ورغم كل الانتقادات، استطاع المسلسل أن يتصدر “الترند” على تويتر وفيسبوك، بفضل السخرية والتقليد. لكن السؤال الأهم: هل هذا النجاح الرقمي يعبّر عن نجاح فني حقيقي؟.
الجمهور شاهد، لكنه ضحك أكثر مما تأثر. وهذه ليست دائمًا علامة جيدة على نجاح عمل درامي.
بين المتعة والسخرية.. ماذا بقي من “سيد الناس”؟
لم يكن مسلسل “سيد الناس” سيئًا بالكامل، بل حمل في طياته بعض الأفكار العميقة حول الظلم، النفوذ، الصراع على السلطة داخل الأسرة. لكن الأسلوب التمثيلي الفج والانفعالات الزائدة جعلت الرسالة تضيع في صخب الأداء.
وبين من يعتبره عملًا فنيًا جريئًا، ومن يراه مجرد “دراما على طريقة المسرح المدرسي”، يبقى الأكيد أن “سيد الناس” حفر اسمه – ولكن ليس كما أراد صناعه، بل كـ “مادة ترند وسخرية” بعنوان مسلسل جعير الناس.