موعد زهرية مراكش 2025: طقوس العطر والبهجة في المدينة الحمراء

فعاليات زهرية مراكش 2025

في المدينة الحمراء، حيث تمتزج عبق التوابل برائحة التاريخ، يُطل الربيع على مراكش محمولًا بأجمل طقوسه، وفي مقدمته موسم زهرية مراكش، أو ما يعرف بـ”موسم تقطير ماء الزهر”.
في هذا الموسم، لا تُقطر الزهور فقط، بل تُقطر الذكريات والحنين والدفء العائلي المتوارث من جيل إلى جيل.

هذه التظاهرة ليست مجرد مناسبة موسمية، بل هي احتفاءٌ نسويٌّ عريق يكرّس حضور المرأة المراكشية في الذاكرة الجماعية، كحارسة للأسرار، ومُحافظة على الطقوس، وناقلة للموروث الثقافي.

من البيوت القديمة في القصبة والمدينة العتيقة، إلى التعاونيات النسائية والمعارض الثقافية، يتحول ماء الزهر إلى رمز للجمال، والنقاء، والاتصال الروحي بالتراث.

ولأن زهر النارنج لا يظهر سوى مرة واحدة في السنة، فإن أهالي مراكش يعرفون تمامًا كيف يحتفون بهذه الهدية الطبيعية، عبر طقوس دقيقة، واحتفالات ممتدة، تبدأ منذ لحظة تباشير الربيع، وتُتوَّج بحفل “الزهرية”، حيث تجتمع الأجيال، وتتشارك الأمهات والجدّات أسرار القطارات (أواني التقطير)، وسط زغاريد، وشاي بالنعناع، وبهجة أصيلة لا تشيخ.

فما هو موعد زهرية مراكش 2025؟ وما الذي تحمله الدورة الـ13 من مفاجآت ثقافية وفنية؟ هذا ما سنكتشفه معًا في هذا المقال الشامل.

 متى يُقام موسم زهرية مراكش 2025؟

انطلقت فعاليات زهرية مراكش 2025 رسميًا يوم الجمعة 21 آذار/ مارس 2025، وتستمر حتى 15 نيسان/ أبريل 2025، لتواكب فترة ظهور زهر النارنج (الزهر المرّ) على أشجار مراكش، والذي يُعد المادة الأساسية في عملية التقطير.

وقد اختارت جمعية “منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته” هذا التوقيت ليكون موعدًا سنويًا قارًا لاستقبال فصل الربيع، وتحويل المدينة إلى مركز إشعاع ثقافي متجدد.

وتُقام فعاليات الزهرية هذه السنة تحت شعار:

  • “الزهر اللي ترجى تلقاه… فمراكش البهجة”

شعار يحمل في طياته وعدًا بالجمال، والتجدد، والحياة.

 ما هي زهرية مراكش؟ وماذا تمثل؟

زهرية مراكش بـ المغرب ليست مجرد مهرجان موسمي، بل هي طقس تراثي متجذر في الثقافة المغربية، يحتفي بتقطير ماء الزهر الطبيعي في موسم محدد من السنة.

  • تقوم الأمهات والجدات بتلقين هذا الفن اليدوي لبناتهن، جيلًا بعد جيل.
  • يُستخدم ماء الزهر في العلاجات، والتجميل، وتحضير الحلويات المغربية.
  • تُقام طقوس التقطير يدويًا باستخدام “القطارات” أو “الكلابيب” التقليدية.
  • تُرافق العملية جلسات عائلية دافئة، تتحول إلى مناسبة للفرح والبهجة.

زهرية مراكش تُشكل ذاكرة حية، ومرآة لأصالة المرأة المغربية، التي تحوّل موسم الزهر إلى لحظة احتفال جماعي، تنبع من الروح، وتنعكس في تفاصيل المكان.

 جمعية “منية مراكش”… حارسة التراث

تُعد جمعية منية مراكش من أبرز الجهات الفاعلة في إحياء هذا التراث. ومن خلال دوراتها المستمرة لزهرية مراكش، استطاعت:

  • تحويل الطقس العائلي الخاص إلى موسم حضاري جماعي.
  • إشراك هيئات ثقافية ومتاحف ومؤسسات تعليمية في دعم الفعاليات.
  • تسجيل تقطير ماء الزهر في قائمة التراث الثقافي الوطني (2022).
  • تثبيت الاعتراف به دوليًا عبر منظمة إيسيسكو كتراث للعالم الإسلامي.
  • رئيس الجمعية مولاي جعفر الكنسوسي أكّد أن الزهرية تُعيد رسم هوية مراكش، وتُعزز من مكانتها كعاصمة ثقافية
  • حية، تراثها لا يُعرض فقط في المتاحف، بل يُعاش في تفاصيل الحياة اليومية.

 فعاليات زهرية مراكش 2025… أكثر من مجرد تقطير

ما يُميز الدورة الـ13 من زهرية مراكش هو تنوع الأنشطة والبرامج الثقافية التي تُنظم بموازاة طقوس التقطير، ومنها:

 دورات تكوينية في التقطير

أُقيمت ورشات عملية للمتعلمين والمتعلمات حول كيفية تقطير ماء الزهر، بتأطير من خبيرات في المجال، داخل مقر الجمعية بالجبل الأخضر.

 طقوس التقطير الجماعية

شهدت مراكش جلسات تقطير مفتوحة في المراكز الثقافية، والمتاحف، والساحات العامة، حيث تُعرض أواني التقطير ويُشرح المسار خطوة بخطوة.

 حكايات تراثية

نُظمت أمسيات في فن الحكاية الشفوية، حيث جلست الجدّات لسرد حكايات الزمن الجميل وسط الأطفال والأسر، في مشهد يعكس ثقافة الذاكرة والشفاهية.

 سهرات موسيقية

أُقيمت عروض فنية راقية في فنون الطرب الأندلسي، والملحون، والدقة المراكشية، بمشاركة الفنان الكبير محمد باجدوب، وفرق موسيقية شعبية من المدينة.

 معرض للحرف التقليدية

على هامش الموسم، عُرضت منتجات نسوية من التعاونيات، منها أواني التقطير، وعطور طبيعية، وزيوت مستخلصة من الزهر، وقطع فنية مستوحاة من التراث.

 زهرية نسائية بامتياز

أجمل ما في الزهرية هو أنها مناسبة نسائية صرفة، حيث تتصدر فيها المرأة المراكشية المشهد، سواء كانت ربة منزل، أو صانعة تقليدية، أو فنانة، أو راوية للحكايات.

وفي ذلك الأطار قالت السعدية بوفوس (عضو مكتب الجمعية):

“القطّارة ليست مجرد أداة، بل هي ذاكرتنا المشتركة… حين أجلس لتقطير الزهر، أشعر أنني أُحاور جدّتي، وأنقل إرثها لبناتي…”.

وحقًا، فإن صوت الزغاريد في الجلسات، ورائحة الزهر المغلي، ولمعان النحاس في الأواني، كلها مشاهد تُشكل ملحمة نسوية صامتة، لكنها تنطق بكل الجمال.

 زهرية مراكش والمستوى السياحي والاقتصادي

لم يعد الموسم احتفالًا تراثيًا فقط، بل أصبح:

  • جاذبًا سياحيًا فريدًا لزوار مراكش في مارس وأبريل.
  • رافعة اقتصادية للنساء العاملات في التعاونيات.
  • موسمًا ثقافيًا قارًا تدعمه الوزارات والجهات الرسمية.

وفي كل عام، يُسهم موسم الزهرية في تنشيط الفنادق، والمطاعم، والأسواق، ويمنح السياح تجربة ثقافية غنية تجمع بين العطر، الموسيقى، والروح المغربية الأصيلة.

 الأسئلة الشائعة

متى يقام موسم زهرية مراكش؟
من 21 مارس إلى 15 أبريل سنويًا، تزامنًا مع موسم ظهور زهر النارنج.

❓ من ينظم الزهرية؟
تنظمها جمعية منية مراكش بشراكة مع وزارات وهيئات ثقافية وطنية ومحلية.

هل يُستخدم ماء الزهر في الصناعة؟
نعم، يدخل ماء الزهر في الطب التقليدي، التجميل، صناعة الحلويات، والعطور.

هل يمكن للسياح حضور جلسات التقطير؟
بكل تأكيد، العديد من الجلسات والأنشطة مُتاحة للزوار، ويمكنهم المشاركة والاستفادة من الورشات.

 الختام: زهرية مراكش… عطر من الماضي يُنثر في الحاضر
“زهرية مراكش” ليست فقط موسمًا لتقطير ماء الزهر، بل هي رسالة حب موجهة من المرأة المغربية إلى العالم، تقول فيها: “هذا تراثي، هذه ذاكرتي، وهذا وطني”.

في زمن يُسرق فيه الإيقاع السريع منّا لحظات التأمل، تأتي الزهرية لتعيد لنا الهدوء، والعطر، والحنين. إنها وقفة تأمل نُصغي فيها لأنين الزهر المغلي، ولهمسات الجدات، ولزغاريد الفرح التي لا تعرف النسيان.

في مراكش، كل شيء له رائحة… والربيع فيها يُقطّر، ليمنحك لحظةً لن تنساها.

سلمى العلي

كاتبة شغوفة بتغطية الأحداث اليومية وتقديم محتوى متنوع يجذب اهتمام القراء. تتميز بأسلوبها السلس والدقيق في نقل الأخبار والتحليلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى