من هو محمد عفيف نايفة؟ حفار القبور السوري الذي كشف أسرار المقابر الجماعية

محمد عفيف نايفة حفّار القبور الشاهد على جرائم الأسد

في مشهد أعاد فتح أحد أكثر ملفات الحرب السورية سوداوية، خرج محمد عفيف نايفة، الشاهد الملقب بـحفار القبور، من دائرة الصمت إلى دائرة الضوء، كاشفًا عن هويته للمرة الأولى في عام 2025، بعد سنوات من العمل في الظل داخل المقابر الجماعية المرتبطة بمراكز التعذيب التابعة للنظام السوري.

ما رواه نايفة لم يكن مجرد شهادة، بل كان توثيقًا مأساويًا لمئات الآلاف من الأرواح التي دفنت دون أسماء، ودون قصص تُروى، تحت جنح الظلام وبأوامر مباشرة من الجهات الأمنية السورية، شهادته في محكمة كوبلنز الألمانية كانت بمثابة الزلزال الذي هز الرأي العام الدولي، وأكد بصوت العامل المنفذ حجم الجرائم التي ارتُكبت باسم الدولة.

من هو محمد عفيف نايفة ويكيبيديا؟

محمد نايفة هو مواطن سوري وُلد في محافظة دمشق، وعمل لسنوات كموظف مدني في مؤسسات حكومية مسؤولة عن دفن الموتى.

لم يكن يحمل رتبة عسكرية، ولم يكن جزءًا من الجهاز الأمني، لكنه وجد نفسه منذ عام 2011 في قلب واحدة من أبشع الجرائم المنظمة في التاريخ المعاصر، حين أُجبر على دفن آلاف الجثث التي كانت تُنقل إليه من سجن صيدنايا، المخابرات الجوية، ومراكز اعتقال النظام السوري.

عمله الذي بدأ كوظيفة عادية تحوّل إلى كابوس دائم، ولقب محمد عفيف نايفة بـ حفار القبور حيث تلقى أوامر بدفن الجثث ضمن مجموعات جماعية تحت مراقبة مشددة، وبدون تسجيل أو توثيق لأي حالة.

لماذا لُقب بـ”حفار القبور”؟

لُقب محمد نايفة بهذا الاسم نظرًا لمهمته الأساسية التي تمثلت في دفن الجثث التي كانت تصل بالشاحنات من مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري.

كان يُطلب منه دفن ما يتراوح بين 300 إلى 600 جثة مرتين أسبوعيًا، ومع مرور السنوات، أصبح عدد الجثث التي دفنها يتجاوز 80 ألف جثة، وفق ما ذكره في شهادته.

عمليات الدفن كانت تتم غالبًا في ساعات الليل، وتحديدًا في مقبرة “نجها” جنوبي دمشق، وهي واحدة من أشهر المقابر الجماعية التي كُشف عنها لاحقًا في تقارير دولية.

تفاصيل دفن الضحايا من سجون النظام

ما بين 2011 و2018، عاش محمد نايفة تجربة مريرة، حيث كان يشاهد جثثًا مشوهة، بعيون مفتوحة، مربوطة الأيدي، بعضها لأطفال ونساء.

تحدث عن الرعب الذي كان يعيشه أثناء نقل الجثث ودفنها، وعن الصمت القسري الذي فُرض عليه، خشيةً من التصفية أو الاعتقال.

كانت الأوامر تصله من ضباط أمنيين كبار، وكان دائمًا تحت المراقبة، يُمنع من الحديث، يُمنع من التصوير، يُمنع حتى من التفكير، كما يقول.

شهادة محمد نايفة أمام محكمة كوبلنز الألمانية

في إحدى أبرز المحاكمات الدولية المتعلقة بجرائم النظام السوري، أدلى محمد نايفة بشهادته أمام محكمة كوبلنز في ألمانيا، حيث تحدث بالتفصيل عن عمله كمُنفذ لأوامر دفن الجثث في المقابر الجماعية.

دعّمت شهادته الصور المسربة من المصور العسكري “قيصر”، وأكدت تطابقًا دقيقًا بين الأوصاف والممارسات.

شهادته كانت محورًا هامًا في إدانة عدد من الضباط السابقين في النظام، وأسهمت بشكل مباشر في إصدار أحكام تاريخية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

الكشف عن هويته عام 2025

بعد سنوات من إخفاء هويته حفاظًا على حياته، قرر محمد نايفة أخيرًا الكشف عن شخصيته الحقيقية، خلال مؤتمر دولي نظمته جامعة هارفارد الأمريكية في ربيع 2025، تحت عنوان: “أصوات من تحت التراب: شهادات من داخل المقابر الجماعية السورية“.

ظهر نايفة أمام الجمهور العالمي، وقال:

“كنتُ أدفن الضحايا دون أن أعرف أسماءهم، كنت أدفن أحلامهم، صمتهم، وقصصهم التي لم تُروَ اليوم، أنا صوتهم.”

الآثار النفسية لشهاداته وتجربته

روى نايفة أنه لا يزال يُعاني حتى اليوم من اضطرابات نفسية عميقة بسبب ما عاشه، اضطراب النوم، نوبات الذعر، والكوابيس التي لا تنتهي، كلها جزء من حياته اليومية.


لم يكن قاتلًا، لكنه حفر بيديه قبورًا لأبرياء، ولم يستطع أن ينساهم.

دعوته لإنشاء محكمة دولية لسوريا

في تصريحاته الأخيرة، أكد محمد نايفة أن العدالة لا يمكن أن تكتمل إلا عبر تأسيس محكمة دولية خاصة بسوريا، تكون مهمتها محاسبة كل من تلطخت يداه بدماء المدنيين، سواء كانوا ضباطًا أو منفذين، داعيًا العالم إلى عدم الاكتفاء بالعقوبات الرمزية.

وفي الختام، فإن قصة محمد عفيف نايفة حفار القبور ليست مجرد رواية شخصية، بل وثيقة حية توثق واحدة من أبشع جرائم القرن الحادي والعشرين.

شهادته تنير الطريق أمام جهود العدالة الدولية، وتمنح صوتًا لضحايا لم يُمنحوا حتى الحق في التعريف بأسمائهم.

ويبقى السؤال المطروح: كم من نايفة لا يزال صامتًا؟ وكم من ضحية تنتظر أن تُروى قصتها من باطن الأرض.

سمر أحمد

صحفية شغوفة بالكتابة عن قضايا المرأة والمجتمع. تتميز بتحليلاتها العميقة وتغطياتها للأحداث المحلية والدولية. تعمل سمر على تسليط الضوء على مواضيع متنوعة مثل الصحة والتعليم والفن والرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى