من هي أغنيس مريم الصليب؟ | فادية اللحام “راهبة الأسد” المثيرة للجدل في سوريا

أغنيس مريم الصليب ويكيبيديا

في قلب الجدل السياسي والديني الذي اجتاح سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011، برز اسم أغنيس مريم الصليب، أو كما تُعرف مدنيًا بـفادية اللحام، كأحد أبرز الشخصيات الدينية التي أثارت تساؤلات ونقاشات واسعة.

عُرفت هذه الراهبة، التي ترأست دير مار يعقوب المقطّع في القلمون بريف دمشق، بدفاعها العلني عن نظام بشار الأسد، مما جعلها تُلقب بـ”راهبة الأسد“.

فمن هي الراهبة أغنيس مريم الصليب؟ وما الذي يجعلها مثيرة للجدل إلى هذا الحد؟ وما موقف المجتمع المحلي والدولي من آرائها السياسية ومواقفها الإنسانية؟.

من هي أغنيس مريم الصليب ويكيبيديا؟

وُلدت الأم أغنيس مريم دي لا كروا عام 1952،، المعروفة بالأم أغنس مريم الصليب واسمها الحقيقي فادية اللحام، في العاصمة اللبنانية بيروت، لأب فلسطيني من مدينة الناصرة وأم لبنانية.

نشأت في بيئة ثقافية ودينية متعددة، ما منحها منظورًا واسعًا تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية.

انضمت إلى رهبنة الكرمليين عام 1971، مكرسة حياتها للتنسك والروحانية المسيحية، ومع مرور السنوات، أخذت مسيرتها منحى أكثر تعقيدًا، حيث دخلت ميادين العمل الاجتماعي والسياسي، لاسيما بعد انتقالها إلى سوريا عام 1994.

الانتقال إلى سوريا وترميم دير مار يعقوب

قررت فادية اللحام عام 1994 الانتقال إلى منطقة قارة في القلمون بريف دمشق، وهناك شرعت في ترميم دير القديس يعقوب المقطع الذي كان شبه مهجور.

أسست لاحقًا مجتمعًا رهبانيًا يضم أفرادًا من جنسيات مختلفة، ركز على إحياء التراث المسيحي في المنطقة، وتقديم خدمات إنسانية وروحية للسكان.

أصبح الدير مركزًا للنشاط الرعوي والروحي، قبل أن يتحول لاحقًا إلى ساحة للنقاش السياسي بعد اندلاع الأزمة السورية.

مواقفها السياسية ودعمها للنظام السوري

أغنيس مريم الصليب عُرفت بدعمها الواضح والصريح لنظام بشار الأسد، وهو موقف أثار جدلاً واسعًا داخل سوريا وخارجها. خلال الحرب الأهلية، ظهرت في عدة مقابلات دولية وصفت خلالها المتمردين بأنهم “جماعات إرهابية”، ووصفت الحكومة السورية بأنها “تحمي الدولة من الانهيار”.

في عام 2013، أثارت جدلاً ضخمًا عندما شككت في تقارير الهجوم الكيميائي على الغوطة، وقدمت تقريرًا يدّعي أن بعض مقاطع الفيديو المتداولة “مفبركة”، وهو ما استخدمته روسيا لاحقًا لتفنيد اتهامات استخدام النظام للأسلحة الكيميائية.

تأثيرها الإعلامي والسياسي

ظهرت أغنيس في العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية، وتحدثت أمام مؤتمرات ومنتديات دولية، مما جعلها صوتًا بارزًا في الدفاع عن النظام السوري من داخل المؤسسات الدينية.

وقد أشار مراقبون إلى أن مواقفها السياسية تخطّت الدور الديني، ودخلت بعمق في الحسابات الاستراتيجية الدولية حول مستقبل سوريا.

وقد وصفها بعض الصحفيين بـ”الراهبة الدبلوماسية”، لدورها في نقل الرواية الرسمية للنظام السوري إلى المنصات الدولية.

الأنشطة الإنسانية لـ الأم أغنس مريم الصليب

بعيدًا عن السياسة، مارست أغنيس مريم الصليب عددًا من الأدوار الإنسانية، أبرزها:

  • رئاسة جمعية “ابن الإنسان”، التي تُعنى بالإغاثة والمساعدات.
  • تنظيم عمليات إجلاء المدنيين من المناطق المحاصرة مثل معضمية الشام.
  • توفير الرعاية والخدمات الصحية للنازحين في منطقة القلمون.

هذه الأدوار أكسبتها دعم بعض الجهات الكنسية والإنسانية، رغم الانتقادات السياسية التي طالتها.

الانتقادات الموجهة إليها

واجهت الراهبة فادية اللحام انتقادات لاذعة من المعارضين السوريين، الذين اعتبروا دعمها للنظام تبريرًا للقتل والانتهاكات، كما تعرضت لهجوم من منظمات حقوقية تتهمها بتجاهل جرائم الحرب التي ارتُكبت بحق المدنيين.

حتى داخل المجتمع المسيحي، لم يكن موقفها محل إجماع، حيث رأى بعض رجال الدين أن مواقفها تتناقض مع رسالة السلام والمصالحة التي تُفترض في الأديان.

لماذا تُعد شخصية مثيرة للجدل؟

الجمع بين العمل الديني والتموضع السياسي في بيئة مليئة بالصراعات، جعل من فادية اللحام شخصية مثيرة للجدل. فهي في نظر البعض رمز للوطنية والتمسك بالثوابت، وفي نظر آخرين صوت منحاز للسلطة القمعية.

اختلاف هذه الرؤى يعكس طبيعة الأزمة السورية، التي دفعت كثيرًا من الشخصيات العامة إلى مواقع لا يمكن أن تكون محايدة بالكامل.

وفي الختام، سواء اتفقت أو اختلفت مع مواقفها، فإن أغنيس مريم الصليب (فادية اللحام) تظل واحدة من أبرز الأصوات الدينية والسياسية التي برزت خلال الحرب السورية.

صوتها الذي تردد من أروقة دير مار يعقوب وصل إلى قاعات الأمم المتحدة، ليضيف فصلاً جديدًا في تاريخ العلاقة المعقدة بين الدين والسياسة في الشرق الأوسط.

ومع استمرار النقاشات حول مستقبل سوريا، سيبقى اسمها حاضرًا في أي نقاش يتعلق بدور الشخصيات الدينية في الصراعات المسلحة.

سمر أحمد

صحفية شغوفة بالكتابة عن قضايا المرأة والمجتمع. تتميز بتحليلاتها العميقة وتغطياتها للأحداث المحلية والدولية. تعمل سمر على تسليط الضوء على مواضيع متنوعة مثل الصحة والتعليم والفن والرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى