سبب حظر تعدين العملات المشفرة في الكويت 2025… استهلاك كهرباء وغسل أموال

في خطوة لافتة نحو ضبط الأنشطة الرقمية وتنظيم الفضاء المالي في الدولة، أعلنت السلطات الكويتية منع ممارسة نشاط تعدين العملات المشفرة داخل الكويت، باعتباره نشاطًا غير مرخص ويشكل مخالفة صريحة للقوانين النافذة.

القرار، الذي صدر عن جهات رقابية عليا، يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني من المخاطر المحتملة للتقنيات غير المنظمة، وخصوصًا تلك التي تعتمد على البنية الرقمية لتوليد أو تداول قيم مالية خارج السيطرة المؤسسية.

فما هو السبب الحقيقي وراء حظر تعدين العملات المشفرة في الكويت؟ ولماذا ترى الدولة أن هذا النشاط العملات الإلكترونية والرقمية يشكل تهديدًا؟ وما هي الأبعاد التقنية والاقتصادية التي دفعت نحو اتخاذ هذا القرار؟.

ما هو تعدين العملات المشفرة؟

تعدين العملات الرقمية هو عملية يستخدم فيها الأفراد أجهزة كمبيوتر قوية لحل معادلات رياضية معقدة تؤدي إلى توليد وحدات جديدة من العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم. هذه العمليات تحتاج إلى:

  • استهلاك طاقة كهربائية هائلة
  • أجهزة متطورة ومخصصة
  • اتصال دائم بالإنترنت
  • مساحات تبريد متخصصة

وقد تحولت هذه العمليات في بعض الدول إلى مصدر دخل ضخم، ولكنها في الوقت ذاته تشكل ضغطًا على موارد الطاقة، وقد تكون وسيلة للتلاعب المالي وغسل الأموال.

الكويت تحظر التعدين: القرار الرسمي

أعلنت الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وبنك الكويت المركزي، أن ممارسة نشاط تعدين العملات المشفرة داخل الكويت يُعد محظورًا تمامًا، نظرًا لعدم وجود ترخيص قانوني له، وارتباطه بسلوكيات مالية تعتبرها الدولة خطرة.

منع ممارسة نشاط تعدين العملات المشفرة داخل دولة الكويت
منع ممارسة نشاط تعدين العملات المشفرة داخل دولة الكويت

وقد شمل الحظر:

  • منع بيع أو استيراد أجهزة التعدين
  • منع تركيب أو تشغيل أجهزة التعدين داخل المنازل أو الشركات
  • تتبع المخالفين ومصادرة الأجهزة المخالفة
  • فرض عقوبات مالية وإدارية بحق كل من يثبت تورطه في هذا النشاط

الأسباب وراء الحظر: حماية الاقتصاد والبيئة

أوضحت الجهات المعنية أن القرار يستند إلى عدة عوامل أبرزها:

استهلاك الكهرباء

أجهزة التعدين تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على شبكة الطاقة الوطنية، خصوصًا في ظل مساعي الكويت لتطوير بنية الطاقة المستدامة.

مكافحة الجرائم المالية

تُستخدم العملات المشفرة في بعض الحالات كوسيلة لغسل الأموال أو التهرب الضريبي، نظرًا لصعوبة تتبع العمليات الرقمية المشفّرة، وهو ما يُعد تهديدًا للشفافية المالية.

غياب التنظيم القانوني

حتى الآن، لا يوجد إطار قانوني واضح في الكويت يُنظم تداول أو تعدين العملات الرقمية، مما يجعل أي نشاط متعلق بها في نطاق “المجهول” من الناحية القانونية.

هل يشمل الحظر كل العملات المشفرة؟

الحظر يركز تحديدًا على نشاط التعدين، وليس بالضرورة على امتلاك أو تداول العملات الرقمية عبر المنصات المرخصة في الخارج.

لكن تداول العملات المشفرة بشكل عام في الكويت لا يزال يخضع لرقابة صارمة، حيث يحذّر بنك الكويت المركزي من الاستثمار في هذه الأصول عالية المخاطر.

ردود الفعل: دعم مؤسسي وتحذير مجتمعي

لقي القرار ترحيبًا من مؤسسات رسمية مثل وزارة المالية ووزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، والتي اعتبرت أن الحظر يحمي الشبكة الكهربائية من الاستنزاف، ويمنع انتشار “اقتصاد الظل الرقمي”.

في المقابل، عبّر بعض رواد الأعمال الشباب عن استغرابهم من القرار، مشيرين إلى أن تعدين العملات المشفرة يمثل فرصة للاستثمار الحديث. لكن الجهات الحكومية أوضحت أن الفرص الحقيقية يجب أن تنشأ ضمن أطر قانونية واقتصادية واضحة.

الكويت والموقف من العملات الرقمية عالميًا

تتخذ الكويت موقفًا متحفظًا تجاه العملات المشفرة منذ أعوام، ولا تعترف بها كوسيلة للدفع داخل البلاد، على عكس بعض الدول التي تبنّتها رسميًا.

البلاد تسير وفق منهج حذر، وتعمل على إعداد دراسات موسعة لتقييم الأثر المالي والتقني لهذه العملات قبل اتخاذ أي قرار بشأنها مستقبلاً.

قرار حظر تعدين العملات المشفرة ليس نهاية التقنية… بل تنظيمها

منع تعدين العملات المشفرة في الكويت لا يعني نهاية استخدام التقنية، بل هو خطوة نحو التنظيم الرشيد لهذا القطاع الناشئ.

الدولة حريصة على ملاحقة الابتكار، ولكنها تؤكد أن الأمن الاقتصادي والشفافية المالية يجب أن يسبقوا أي اندفاع غير محسوب نحو ما هو جديد.

في زمن تتغير فيه العملات والأدوات والمعايير، تبقى السياسات المنظمة هي حجر الأساس لبناء اقتصاد رقمي آمن ومستدام.

سلمى العلي

كاتبة شغوفة بتغطية الأحداث اليومية وتقديم محتوى متنوع يجذب اهتمام القراء. تتميز بأسلوبها السلس والدقيق في نقل الأخبار والتحليلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى