أبعاد اغتيال سليم عياش في سوريا: التصعيد المحتمل وآثاره

في حادثة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، تم الإعلان عن اغتيال القيادي البارز في حزب الله اللبناني، سليم جميل عياش، في سوريا، حيث أفادت مصادر موثوقة بأن عياش قُتل في منطقة القصير السورية، تحديدًا ضمن ضواحي دمشق. يعد عياش من الشخصيات المؤثرة داخل حزب الله، وقد اتهم سابقًا بالضلوع في عدد من القضايا السياسية الحساسة، أبرزها تورطه في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري.

تفاصيل حادثة الاغتيال

وردت تقارير مؤكدة تشير إلى أن سليم عياش، البالغ من العمر 61 عامًا، قد لقي حتفه نتيجة غارة جوية نسبت لإسرائيل، استهدفت مناطق يشتبه في أنها تستخدم لنقل الأسلحة والذخائر من سوريا إلى لبنان. وقعت الغارة في العاشر من نوفمبر 2024، وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا إلى جانب عياش، حيث تشير الإحصائيات إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 15 آخرين، بينهم مدنيون. وبحسب هذه المصادر، كان عياش متواجدًا في منطقة السيدة زينب بدمشق، التي تعتبر من أبرز النقاط الاستراتيجية التي تستهدفها إسرائيل لمنع تحركات حزب الله.

من هو سليم عياش؟

وُلد سليم عياش في لبنان عام 1963، وبرز كعضو مهم داخل هيكلية حزب الله، حيث كان له دور بارز في العديد من العمليات الأمنية والاستراتيجية. ويعد عياش، وفقًا للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، من الشخصيات التي لعبت دورًا كبيرًا في التخطيط والتنفيذ لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، وهي عملية استخدمت فيها متفجرات تسببت في مقتل الحريري و21 آخرين، وإصابة العشرات. وقد حكمت المحكمة على عياش غيابيًا بالسجن مدى الحياة عام 2020، بعد اتهامه بالمسؤولية المباشرة عن تلك العملية.

المكافأة الأمريكية على عياش

وضعت الإدارة الأمريكية مكافأة مالية ضخمة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال سليم عياش، باعتباره شخصية مطلوبة دوليًا. وقد أصبح عياش على قائمة المطلوبين لدى العديد من الدول، بالإضافة إلى كونه ملاحقًا من قبل الموساد الإسرائيلي الذي سعى طويلًا لإضعاف شخصيات بارزة في حزب الله ترى فيها تهديدًا للأمن الإقليمي.

أهمية سليم عياش في حزب الله

يعتبر سليم عياش من أخطر وأذكى القيادات داخل حزب الله، حيث يشغل منصبًا حساسًا في الهيكل الأمني للحزب، ويعتبر متخصصًا في إعداد وتنفيذ العمليات الدقيقة، التي تتطلب تنسيقًا عاليًا وخبرة كبيرة. وفي ظل دوره المهم، كان عياش محل مراقبة مستمرة من قِبَل أجهزة الاستخبارات المختلفة، التي كانت تسعى لعرقلة نشاطه وإضعاف تأثير حزب الله في المنطقة.

ردود الفعل على حادثة الاغتيال

تباينت ردود الفعل حول حادثة اغتيال عياش، حيث يرى بعض المحللين أن مقتله يمثل ضربة قوية لحزب الله في سوريا ولبنان، إذ أن اغتيال قيادي بمثل هذا الوزن يعد خسارة كبيرة في صفوف الحزب، ما قد يدفعه لإعادة النظر في بعض استراتيجياته الأمنية. وعلى الجانب الآخر، رحبت بعض الأوساط السياسية في المنطقة بهذه الحادثة، مشيرة إلى أن الوجود المتزايد لحزب الله والقوى المدعومة من إيران في سوريا يشكل تهديدًا على استقرار المنطقة.

تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد حزب الله في سوريا

يأتي استهداف سليم عياش في سياق تصعيد إسرائيل لعملياتها ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، حيث تسعى إلى منع تمدد هذه القوى ونقل الأسلحة إلى الأراضي اللبنانية. وتعتبر هذه الضربات جزءًا من سياسة إسرائيلية تهدف إلى كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، وضمان أن تظل الحدود الشمالية آمنة من أي تهديد مباشر من حزب الله. وقد ازدادت هذه الضربات مؤخرًا بالتزامن مع التوترات السياسية والعسكرية المتصاعدة في الشرق الأوسط.

تاريخ عياش مع المحكمة الدولية

تعتبر قضية سليم عياش واحدة من القضايا الشهيرة على المستوى الدولي، حيث نال حكمًا غيابيًا في قضية اغتيال الحريري التي أثارت ضجة كبيرة وقت حدوثها. وبعد محاكمات استمرت لعدة سنوات، توصلت المحكمة الدولية إلى إدانة عياش بالتورط المباشر في العملية، وهو ما جعله مطلوبًا بشكل رسمي. ويعد اغتيال الحريري أحد الأحداث المفصلية في التاريخ الحديث للبنان، حيث نتج عنه تغييرات سياسية واسعة داخل البلد، وأدى إلى انسحاب القوات السورية من لبنان تحت الضغط الدولي.

تأثير اغتيال عياش على الوضع السياسي

اغتيال سليم عياش يأتي في وقت حساس تشهده الساحة اللبنانية والإقليمية، حيث تتزايد الضغوط على حزب الله من عدة جهات دولية ومحلية. ويُعتقد أن مقتله سيؤثر بشكل ملحوظ على توجهات الحزب وسياسته في المنطقة، خاصة أن عياش كان له دور فعال في الإعداد والتخطيط للعديد من العمليات الأمنية. قد يؤدي هذا الاغتيال إلى تصعيد الصراع بين حزب الله وإسرائيل، مع احتمالية أن يقوم الحزب بالرد على هذا الاستهداف، مما قد يزيد من تعقيد الوضع السياسي والأمني في المنطقة.

مخاوف من تصعيد أمني في المنطقة

بالتزامن مع اغتيال سليم عياش، تسود مخاوف من احتمالية تصعيد أمني في المنطقة، إذ أن استهداف الشخصيات البارزة في حزب الله يرفع من حدة التوترات. ويشير بعض المراقبين إلى أن هذا التصعيد قد ينعكس على الأوضاع في لبنان، حيث يمكن أن يتجه حزب الله إلى اتخاذ خطوات تصعيدية للرد على الغارة الإسرائيلية. وقد يترجم ذلك إلى عمليات ضد إسرائيل أو تصعيد في الداخل اللبناني.

الدعوات الدولية لخفض التوتر

مع ارتفاع وتيرة الصراع بين حزب الله وإسرائيل، تبرز دعوات دولية لخفض التوتر وضبط النفس من كلا الجانبين، إذ تخشى الأطراف الدولية من أن تؤدي هذه العمليات إلى اندلاع نزاع أوسع في المنطقة. ويأتي هذا في ظل وجود مبادرات متعددة تهدف إلى تحسين الوضع الإقليمي، وتجنب المزيد من التصعيد العسكري الذي قد ينعكس سلبًا على استقرار الشرق الأوسط.

في الختام: تعد حادثة اغتيال سليم عياش خطوة جديدة في سياق الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل على الأراضي السورية، حيث يعكس استهدافه استمرار التوترات الإقليمية وسعي الأطراف المختلفة إلى فرض سيطرتها ونفوذها في المنطقة. ومع استمرار هذه الهجمات، يتزايد القلق بشأن تصعيد أكبر قد يمتد إلى لبنان ويدخل المنطقة في مرحلة جديدة من الصراع.

منى جمال

كاتبة تمتلك أسلوبًا مميزًا في الكتابة يجمع بين البساطة والإبداع. تركز في كتاباتها على تغطية موضوعات تهم جمهورًا واسعًا من القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى