هل يجوز صيام العشر الأواخر من شعبان 1446-2025؟: حكم الصيام وأفضاله
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يزداد حرص المسلمين على الإكثار من العبادات والطاعات، ومن بين الأسئلة الشائعة التي تُطرح في شهر شعبان: هل يجوز صيام العشر الأواخر من شعبان؟ يُعد هذا السؤال محط اهتمامٍ كبير بين المسلمين، خاصة مع الحديث الشريف الذي نهى فيه النبي ﷺ عن الصيام بعد انتصاف شعبان، إلا في حالات استثنائية. في هذا المقال، سنستعرض الحكم الشرعي لصيام العشر الأواخر من شعبان، فضل العمل في هذا الشهر، والحكمة من تشريعات الصيام فيه.
هل يجوز صيام العشر الأواخر من شعبان؟
لا يجوز للمسلم أن يخصص العشر الأواخر من شعبان بالصيام من غير سبب شرعي، بناءً على الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال:
“إذا انتصف شعبان فلا تصوموا.” [رواه الترمذي].
ولكن يُستثنى من هذا النهي الحالات التالية:
- من اعتاد الصيام طوال السنة: مثل من اعتاد صيام يومي الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم (صيام داود عليه السلام).
- من صام منذ بداية شهر شعبان: إذا كان المسلم قد بدأ الصيام في أول شعبان واستمر فيه، فلا حرج عليه في استكمال الصيام حتى نهايته.
- صيام القضاء أو النذر أو الكفارة: إذا كان المسلم عليه قضاء أيام من رمضان السابق، أو صيام نذر، أو أداء كفارة، فيجوز له الصيام في النصف الثاني من شعبان.
أما تخصيص العشر الأواخر من شعبان بالصيام دون سبب أو عذر شرعي، فهو أمر مكروه وقد يكون محرّمًا إذا اعتُقد أن له فضلًا خاصًا لم يرد به نص شرعي.
هل يجوز صيام النصف الثاني من شعبان؟
اختلف العلماء في حكم صيام النصف الثاني من شعبان بناءً على الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه. وقد ذهبوا إلى قولين رئيسيين:
- عدم الجواز: يرى فريق من العلماء أن صيام النصف الثاني من شعبان محرم إلا لمن كان له عذر شرعي أو اعتاد الصيام.
- الجواز مع الكراهة: يرى فريق آخر أن الصيام جائز لكنه مكروه، إلا لمن كان يصوم عادة أو كان عليه قضاء.
والراجح أن الأصل في النهي هو حماية الصائم من الإرهاق قبل دخول رمضان، ليكون المسلم في كامل طاقته البدنية والنفسية عند بدء الشهر الفضيل.
هل يجوز صيام شعبان كاملًا؟
صيام شعبان كاملًا مشروع ومستحب لمن استطاع ذلك، فقد ثبت في السنة النبوية أن النبي ﷺ كان يُكثر من الصيام في شهر شعبان. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
“ما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان.” [رواه البخاري ومسلم].
كما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها:
“كان النبي ﷺ يصوم شعبان كله، وكان يصله برمضان.” [رواه النسائي].
من هذا يتبين أن صيام شعبان كاملًا جائز ومستحب، خاصة لمن أراد الاقتداء بالنبي ﷺ، أو لمن أراد أن يرفع عمله إلى الله وهو صائم.
فضل العمل الصالح في شهر شعبان
شهر شعبان هو شهرٌ مبارك يُعدّ محطة بين رجب ورمضان، يُرفع فيه عمل العبد إلى الله عز وجل، ويُكثر فيه المسلمون من الصيام والطاعات. عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:
“يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.” [رواه النسائي].
أهم الأعمال الصالحة في شهر شعبان:
- الصيام: سواءً كان تطوعًا أو قضاءً أو نذرًا.
- قراءة القرآن: استعدادًا لشهر رمضان.
- الاستغفار: كثرة الاستغفار تفتح أبواب الرحمة والمغفرة.
- صلة الرحم: تعزيز العلاقات مع الأهل والأقارب.
- الصدقة: تقديم المساعدة للمحتاجين، خاصة في أوقات التحضير لشهر رمضان.
الحكمة من صيام شهر شعبان
- تهيئة النفس لشهر رمضان: الصيام في شعبان يُدرّب النفس والجسد على تحمل مشقة الصيام في رمضان.
- رفع الأعمال إلى الله: تُرفع أعمال السنة إلى الله في هذا الشهر، والصائم يكون في حالة من الطاعة والخشوع.
- زيادة الحسنات: شهر شعبان يُتيح للمسلمين فرصة مضاعفة الأجر والثواب.
- التوبة والاستغفار: شعبان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بالتوبة قبل حلول رمضان.
نصائح للاستفادة من العشر الأواخر من شعبان
- الصيام المشروع: إذا كنت من المعتادين على الصيام أو عليك قضاء، فاغتنم هذه الأيام بالصيام.
- الدعاء: أكثر من الدعاء بالتوفيق في رمضان.
- التخطيط لشهر رمضان: ضع خطة للطاعات والأعمال الخيرية في رمضان.
- تلاوة القرآن: اجعل لنفسك وردًا يوميًا من القرآن.
- الصدقة: قدم المساعدة للمحتاجين استعدادًا لشهر الصيام.
أحاديث عن شعبان
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال:
“إن الله تعالى يطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.” [رواه ابن ماجه]. - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
“كان أحب الشهور إلى رسول الله ﷺ أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان.”
الخاتمة:
صيام العشر الأواخر من شعبان جائز فقط في حالات محددة مثل الصيام المعتاد أو قضاء الفوائت، لكنه مكروه تخصيصه دون سبب شرعي. شهر شعبان هو فرصة عظيمة للاستعداد الروحي لشهر رمضان، من خلال الصيام، والذكر، والدعاء. تذكر دائمًا أن اتباع السنة النبوية هو السبيل للفوز برضا الله ومغفرته.